أوليفر إيفريت: الأمين الأخير للمكتبة الملكية بقلعة ويندسور

عالم المكتبات | برفايل |

كان إيفريت مسؤول عن جميع المجموعات في المكتبة الملكية في قلعة ويندسور، بالإضافة إلى الأرشيف الملكي


في الثانى والعشرين من شهر ديسمبر الماضى أعلن عن وفاة أوليفر إيفريت آخر موظف من سلسلة أمناء المكتبة الملكية المرموقين في قلعة ويندسور، حيث قام بالإشراف على كلا من المكتبة الملكية والأرشيف الملكي، وهو منصب يعود تاريخه إلى عام 1837، حيث كان يسبقه في هذه السلسلة العريقة من أمناء المكتبة كلا من سير ريتشارد هولمز، وسير جون فورتسكو، وسير أوين مورسهيد، وسير روبن ماكوورث-يونغ. وكان إيفريت مسؤولاً عن جميع المجموعات في المكتبة الملكية في قلعة ويندسور، وخاصة المطبوعات والرسوم، والأرشيف الملكي الموجود في البرج الدائري منذ عام ١٩١١.

وُلِد أوليفر ويليام إيفريت في برينتوود، إيسكس، في ٢٨ فبراير ١٩٤٣، لتشارلز إيفريت، الذي أصيب مرتين وتعرض للغاز في الحرب العالمية، ووالدته جودي، وتلقى تعليمه في سانت أوبينز ومدرسة فيلستيد، ولأنه كان رياضى فقد أصبح قائدًا لفريق الرغبي الخاص بالمدرسة، ثم كطالب في أكاديمية ويسترن ريزيرف، أوهايو، حيث نشأ اهتمامه مدى الحياة بلعبة البيسبول، تابع دراسته في كلية كريست، كامبريدج، ثم حصل على درجة الماجستير في كلية فليتشر للقانون والعلاقات الدولية، بماساتشوستس، وأجرى دراسات عليا في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية.

وعند تخرجه انضم إلى الخدمة الدبلوماسية الملكية في عام ١٩٦٧، حيث عمل كأمين أول في نيودلهي من عام ١٩٦٩ إلى ١٩٧٣ (حيث كان خبيرًا هنديًا وسياسيًا مقيمًا)، في قسم الأخبار في وزارة الخارجية في لندن، وبعد ذلك كرئيس للسكرتارية في مدريد من عام ١٩٨٠ إلى ١٩٨١، كان بينتلك التاريخين يعمل مساعدًا خاصاً للأمير تشارلز من عام ١٩٧٨ إلى عام ١٩٨٠، حيث كان تعيينه يُعتبر ضمن فريق عمل بمكتب مكتب الأمير، وكان ذلك مع كلا من إدوارد أدين كأمين خاص وجون دوث كمتحدث صحفي، وبالطبع خلال تلك السنوات، كان إيفريت دائم الحضور مع الأمير تشارلز في التزاماته داخل وخارج بريطانيا.

كان  كل منه والأمير لاعبين متحمسين للبولو، وكانت الإعاقة الدبلوماسية للأمين الجديد اثنان، بينما كان الأمير تشارلز أفضل بدرجة واحدة. في عام 1986،

كان إيفريت محبوبًا للأمير تشارلز حتى أنه كان يشاركه لعبة البولو حتى أنه قام بزيارة لمدة أسبوعين إلى نادي راجستان للبولو بدعوة من ماهاراجا جايبور، ليلعب ضمن فريق طيران الهند برعاية أمير ويلز، وفي عام ١٩٨١ تم استدعاؤه من الخدمة الدبلوماسية بشكل رسمى ليكون أمينًا خاصًا لأميرة ويلز، الأميرة ديانا، ليعينها في الأشهر الأولى من زواجها على إلتزماتها الملكية، حتى أنه بعد الزفاف الأشهر في العالم في ذلك الوقت، وبوقت قصير، ذهب إلى بالمورال للاتفاق على أول مهام لها كعضو في العائلة الملكية، حيث كان أول مهمة فردية لها هى تشغيل أضواء شارع ريجنت في نوفمبر ١٩٨١ أستعداداً للأحنفال بأعياد الميلاد.

إيفريت، يظهر على اليسار، مع الأميرة ديانا في حفلة في الحديقة الملكية في يوليو 1983. الصورة من تصوير جيمس غراي/ديلي ميل/شاترستوك


ولكن بحلول مارس ١٩٨٣، كانت العلاقة قد تدهورت ما بين إيفريت وديانا حيث كانت هناك شائعات عن «صراعات مريرة» بين الأثنين، وقد أعلنت في وقت لاحق إنها لم تحصل على مساعدته بشكل كافٍ، ولكن بعكس ما كان واضح في ذلك الوقت من إنه كان يقوم بعمله بشكل لائق وبمنتهى الدقة، إلا أنها دائما ما كانت تعترض على ما يقوم به من أعمال وخدمات لها. وبخلاف الأميرة التى أشتهرت بعد ذلك بكثرة الشئعات حولها، لم يتحدث إيفريت عن هذه الاختلافات مطلقاً إلا بشكل دبلوماسي، وأكد أنه على وشك تقديم إستقالته. ولكن لخدماته المتميزة على مدار سنوات طوال كان هناك تقدير كبير له في الأوساط الملكية، حتى أنه تم أختياره ليعين كنائبًا للسير روبن ماكورث يونغ في المكتبة الملكية، وخليفة له بعدما خرج من الوظيفة في عام ١٩٨٥.

الأرشيف الملكي موجود في البرج الدائري بقلعة وندسور

في أثناء عمله أمينا للمكتبة في ويندسور، أشرف على الكثير من المعارض الخاصة  بالملكة، وإعارة كنوز الملكة للمعارض المختلفة في بريطانيا وخارجها، وكان يعمل على اختيار العناصر من الأرشيف الملكي لتسلية ضيوف الملكة وأحيانًا لمضايقتهم في القاعة الشرقية  الخاصة بتناول الطعام - حيث، كما وصفها السير روبن ماكورث- يونغ، كانت تستخدم المكتبة الملكية «كملهى ليلى».

إيفريت كأمين المكتبة الملكية
أستطاع إيفريت أن يكتب دليلًا جديدًا رسميًا للقلعة، وقام بتدريس دورة حول تاريخ قلعة ويندسور وساعد وسائل الإعلام بعدة طرق، بما في ذلك إنتاج أفلام وثائقية تلفزيونية، في تسعينيات القرن الماضي، كما أشرف على الرسومات والترميمات التى قام بها ألكسندر كريسويل عام ليصلح من الأضرار الناجمة عن الحريق الذى أندلع بالقلعة عام ١٩٩٠.

أشتهر إيفريت بمساعدته وتقديمه للدعم للكتاب الدارسين للسير الذاتية لأفراد العائلة المالكة، ولكن فلورا فريزر من بين الكتاب الأكثر حظاً في مساعدة إيفريت لهم، فقد ساعدها في كتابة السيرة الذاتية للملكة كارولين، وبنات جورج الثالث، وكذلك قدم المساعدة لكل من سارة برادفورد وروبرت رودس جيمس، في موضوعات أخرى، كما قدم الدعم لابنة زوجته بينيتا ستوني لمساعدة دوقة يورك في كتابة كتابين متعلقين بالملكة فيكتوريا، كما أرسل هوغو فيكرز ليقدم المساعدة للدوقة مرة أخرى عندما فكرت في مجالات أدبية أخرى.

تعامل إيفريت مباشرة مع المؤرخين وكاتبى السير الذاتية الذين يرغبون في الاطلاع على الأرشيف الملكي، نيابة عن أمين السر الخاص للملكة، الذي كان الحارس. يتذكر الباحثون فترة عمل إيفريت في ويندسور على أنها فترة سعيدة، لأن إيفريت جلب إلى الوظيفة مهاراته المتنوعة كعالم ودبلوماسي وفارس، ناهيك عن لمسة خفيفة وعنصر من الفكاهة الساخرة. كان دائما متعاونا ومشجعا، وكان يحظى بدعم كبير من شيلا دي بيلايغ. عند تقاعده، تم فصل المسؤوليات عن المكتبة الملكية والأرشيف الملكي.

المكتبة الملكية في قلعة وندسور
 

 تكريما لمجهوداته وولائه للنظام الملكى تم ترقيته لرتبة فارس في النظام الملكى الفيكتورى عام 1991، وعند تقاعده عام 2002 تم تعينه أمين مكتبة فخرى لمكتبة وندسور الملكية، وبعدها بدأ إيفريت مرحلة جديدة في حياته، فقد بدأ بالعمل كمحاضر جذاب ومصقول بمهارات عالية، ومرحًا بشكل لا يصدق، فجذب انتباه الجماهير في الكثير من المتاحف التى زارها ليلقى محاضراته الشيقة فيها مثل متحف فيكتوريا وألبرت في لندن، وفي نيويورك، لوس أنجلوس وبوسطن، وأوتاوا وتورونتو، وملبورن وسيدني وأديليد، بالإضافة إلى ألمانيا وإسبانيا ونيوزيلندا.

إيفريت عند تكريمه من الملكة

كانت محاضراته تدور حول كنوز المكتبة الملكية بقلعة وندسور، وقلعة باكينجهام، والأهتمامات الثقافية المختلفة للملوك مثل تشارلز الثاني، جورج الثالث، جورج الرابع والملكة فيكتوريا، وتلك المجموعات الغنية المذهلة المتاحة بالمكتبة الملكية، كما كان يحب المحاضرات الخاصة بالهند وتاريخها وعمارتها ودياناتها، وهو شغف تكون في سنوات عمله كدبلوماسي في دلهي، كان يعمل كمرشد لمجموعات فنية في الهند.

في وقت فراغه كان إيفريت يحب القراءة والأفلام والراكيت وكرة الرجبى. تزوج إيفريت في عام 1965 من ثيفانيا فيسي ستوني، وكان لديهما ابنان وابنتان، ولكنهما انفصلا بصورة وديّة في عام 2003، وكان يعيش في منزل داخل أسوار قلعة ويندسور، بالقرب من الإسطبلات الملكية.

وتوفي في 22 ديسمبر 2023.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

المشاركات الشائعة