المكتبات في ليبيا

| عالم المكتبات | تحقيقات |

جامع عمرو بن العاص المعروف بجامع الناقة

عثمان الكعاك
عثمان الكعاك

ليبيا  جزء غالي علينا من الوطن العربي عامة ولأنها في قلب كل مصرى خاصة، فلهما أمجاد مشتركة في محاربة الأستعمار، منذ القدم وهي تعتبر الأمتداد الطبيعي الغربي لمصر المحروسة وهذا لا يدل إلا علي روابط وثيقة طبيعية وتاريخية قديمة علي مر العصور، وهذا ما يجعلنا في أول تحقيق لنا أن نعود إلي أحد التحقيقات التي نشرت قديما في مجلة عالم المكتبات لتؤرخ عن الحركة المكتبية في ليبيا الشقيقة، فكان هذا التحقيق الذي قام بكتابته الأستاذ عثمان الكعاك، مدير دار الكتب الوطنية بتونس وقد نشر في العدد الثاني من المجلد الخامس سنة ١٩٦٣.


ليبيا قطر عربي صميم، واقع في الشمال الشرقي من قارة أفريقيا، بين تونس في الشمال، والجمهورية العربية المتحدة في الجنوب، مساحته ١٢٥٠٠٠٠ كيلو متر مربع. وعدد سكانه مليون ونصف مليون نسمة. وينقسم إلي ولايات ثلاث، طرابلس وقاعدتها طرابلس الغرب، برقة وقاعدتها بنغازى وفزان وقاعدتها سبها.

وفي ليبيا مكتبات مشتهرة منذ القدم. ففي العصر الروماني (١٤٦ ق.م – ٤٣٥ ق.م) أعتني الأمبراطور سبتيموس سافاروس، الذي هو من أصل ليبي، بمسقط رأسه مدينة لبتيس ماغانا (لبدة – قرب الخمس)، فجعلها مدينة مثالية تضاهي روما نفسها، ولا تزال إلى الآن تثير إعجاب زائرها لما أحتوت عليه من الشوارع الأنيقة، والقصور البهيجة، والمعابد المشيدة، والمسارح البديعة، وأحواض السباحة الرائعة، والتماثيل المدهشة، والفسيفساء التي هي آية في الجمال، وأسس بهذه المدينة مكتبة كبرى اشتملت علي كل طريف من الكتب الرومانية والفينيقية، وكان سبتيميوس سافاروس هو نفسه خطيباً وكاتباً ومؤلفاً.

وتأسست مدينة (الشحات Cyrène) في برقة، وفي نفس الوقت الذي تأسست فيه قرطاجنة بتونس. وكانت مدينة يونانية الثقافة، تعتبر البنت الكبرى لأثينا نفسها. وقد نبغ بها جماعة منهم أرستيفس الشاعر، وايراثوستين الرياضي، وفاليماخس المكتبي، الذى كان العالم الأول الذي وضع قواعد وأصولاً لفن المكتبات، وجعل أساساً لفن فهرسة الكتب.

لقد ولد فاليماخس في مدينة قرنى، في عصر إزدهارها وقرأ في معاهدها الراقية، وتولي إدارة مكتبتها الكبرى، ثم أنتقل إلى الأسكندرية فتولي إدارة مكتبتها الكبرى ونشر بين الناس مبادئ فن المكتبات والفهرسة.

وفي العصور الإسلامية، نشأت المكتبة مع الجامع. وأول جوامع ليبيا، جامع عمرو بن العاص المعروف بجامع الناقة. وعلي عهود الوالي هرثمة بن أعين (١٧٩هـ) أسس رباط طرابلس، فكان به النساخون والوراقون ومكتبة، ثم تكاثرت الرباطات في العهد الأغلبي، وفي كل رباط نساخون ووراقون ومكتبة.. فاستقرت المكتبة الرباطية إلى جانب المكتبة المسجدية.

وبني الفاطميون الجامع الأعظم بطرابلس وجعلوه آية من آيات الفن المعمارى الإسلامي، وضموا إليه مكتبة كبرى، وفي العصر الخزروني (العثهاجي) أعتني بنو خزرون بالجامع فجعلوه جامعة إسلامية، ووسعوا نطاق مكتبته الكبرى هذه، علاوة عن مكتبات قصور الأمراء.

وفي العصر الموحدي نجد بطرابلس الصنوف الآتية من المكتبات:

١- المكتبات المسجدية.

٢- المكتبات الرباطية أو مكتبات الزوايا لأن الرباط تحول إلي زاوية.

٣- مكتبات المدارس، إذ أسس الموحديون مدارس كثيرة بطرابلس، والمدارس الإسلامية التي تجمع درجات التعليم الثلاث، وتكون مبيتاً وتضم إليها مدرسة.

٤- المكتبات الخاصة، وقد حدثنا عنها التيجاني في رحلته.

وفي العصر التركي أسس آل الضارامللي أمراء طرابلس، مكتبة كبرى بالسراى الأحمر. وكثرت مدارس الأتراك مثل مدرسة سيدي درغوث، ومدرسة عثمان الضارامللي، فكثرت مكاتب المدارس، وتعددت الجوامع التي بها مكاتب كبرى، منها جامع الفرجي، وجامع أحمد باشا الضارامللي، وجامع شايب العيني وغيرها.

وأعتني الأمراء والوزراء بالمكتبات الخاصة وكانت تشتمل علي كتب قيمة بالعربية والفارسية والتركية، لأن الثقافة التركية كانت تعتمد علي اللغات الثلاث. ومن هذه المكتبات الخاصة مكتبة الضرامللي وباكير وكيخيا وغيرها، وهي نفيسة جداً وتوردت مكاتب الزوايا وتضخمت وأنتشرت في الأفاق، منها مكاتب زوايا السلامية والسنوسية وغيرها.

وفي الوقت الحاضر نستطيع أن نذكر من مكاتب ليبيا ما يأتي:

١- مكتبة الأوقاف بطرابلس وهي غنية بالنوادر المخطوطة.

٢- مكتبة الآثار بطرابلس: وهي غنية جدا بكتبها الفنية ودراساتها القيمة.

٣- مكتبة الحشرات بالمعهد الزراعي: وهي غنية جدا بالكتب القيمة.

٤- مكتبة الآثار اليونانية: بالشحات وهي مكتبة نفيسة للغاية تسمح للباحث المختص أن يجد جميع المراجع التي يحتاج إليها.

٥- مكتبة الجامعة الليبية ببنغازي: وهي حافلة بالكتب العربية والإنجليزية والفرنسية، ولاتزال في توسع مطرد.

٦- مكتبة جامعة محمد علي السنوسي الكبير بالبيضاء: وهي في الحقيقة ثلاث مكتبات.

١- المكتبة السنوسية الأصلية بما فيها من كتب ووثائق وأوراق ثمينة تتعلق بالسنوسية منشأ وعملاً وعقيدة وسياسة.

٢- مكتبة المطالعة الكبرى.

٣- مكتبة زاوية الجغبوب التي عبث بها الايطاليون، وبقيت منها بقايا صالحة نقلت أولاً إلى بنغازى، ثم إلى مكتبة البيضاء.

ومجموع الثلاث يؤلف مكتبة نفيسة جداً بها وثائق فريدة، ومخطوطات منفردة ونادرة، وكتب قيمة.

٧- المكتبة الوطنية بطرابلس: وهي مكتبة كانت مستقلة في عهد الأحتلال الايطالي، ثم نقلت إلى المدرسة الثانوية فأفرد لها بها محل، وهي تشمل علي ٣٠ ألف كتاب إيطالي صالحة أن تكون مرجعاً لدراسات الليسيه، وكمية طيبة من الكتب العربية وأكثرها حديث، إلا أن بها بعض المخطوطات ما بينها المنفرد والنادر. وقدضمت أخيراً كمية طيبة من الكتب الأنجليزية.

هذه خلاصة موجزة جداً عن المكتبات في ليبيا وفوق كل ذي علم عليم.

ونستطيع أن نضيف إلى هذه المكتبات العربية بعض المكتبات البربرية، وأول المكتبات البربرية ترجع إلى آلاف السنوات قبل الميلاد، وهي منقوشة علي صخور الجبال وتمتد علي عشرات الأميال. وقد كتبت النصوص خطاً وتصويراً. أما الخط فهو الخط البربري القديم المعروف باللوبي وهو الذي مازال يستعمله الطوارق الملثمون ويسمونه تيفيناغ. وأما الرسوم فتعطينا صورة واضحة عن حياة البربر القدامي فيما بعد العصر الحجري، حياة صيد وحروب وانتقال.

أما المكتبات بالمعني الأدق فأننا نجدها بمدن جبل نفوسة وبمدينة غات علي الحدود الصحراوية الجنوبية الغربية وبمدينة زوارة علي الحدود الشمالية الشرقية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

المشاركات الشائعة