عالم المكتبات | قصاقيص |
![]() |
أبلة نظيرة |
قلم: نادر حبيب
من أشهر الكتب الخاصة بالطبخ وأسراره كتاب أبلة نظيرة، والتى سمع عنها الكثيرين في أشهر مسرحية لسمير غانم والفنانة شيرين المتزوجون، في ذلك المشهد الرائع للفتاة المدللة لينا التى لم تدخل المطبخ نهائيا في بيت أبيها المليونير، ولكنها أختارت أنت تتزوج مسعود ذلك الشاب المكافح الموظف في هيئة الصرف الصحى، وترغمها الحياة إلى الدخول لعالم المطبخ، وتبدأ في تجربة الطبخ كما تتخيلها هى، ومع أول وجبة أرادت أن تسعد بها مسعود فشلت كلياً لعدم قدرتها على التمييز بين مكونات الأكلة كالدقيق مثلا والأسمنت الأبيض الذى كان يستخدمه مسعود في صيانة غرفته الكائنة فوق السطوح، وعندما عاتبها مسعود وسألها بتهكم أين تعلمت الطبخ، قالت من كتاب أبلة نظيرة، الجملة التى أضحكت الملايين عندما قالتها الفنانة شيرين في وقتها.
تعالوا معنا نشاهد المشهد التاريخى بين سمير غانم وشيرين في المتزوجون
لا أعلم إذ ما قيلت هذه الجملة اليوم أمام أطفالنا هل سيستوعبوها أم لا، فهم لا يعرفون أبلة نظيرة التى عرفها الملايين الذين سبقوا وضحكوا عليها من قبل، ولا كتابها الشهير بأسم كتاب أبلة نظيرة.
ولدت نظيرة نيقولا في عام 1902 بمصر، وعند وصولها سن الشباب ألتحقت بكلية التدبير المنزلي، وفي عام 1926 قررت وزارة المعارف إرسال بعثات في كافة التخصصات لاستكمال الدراسة العلمية ومن هذه التخخصات التدبير المنزلي، فتم اختيار 14 فتاة من كلية التدبير المنزلي كانت من بينهم نظيرة نيقولا للدراسة بجامعة جلوستر بأنجلترا لمدة ثلاث سنوات في فنون الطهي وشغل الإبرة، تلك البعثة وقتها كانت تعد سبقا حيث أنه لم يكن من السهل تقبل الأهل فكرة سفر بناتهن لاستكمال دراستهن في الخارج إلا أن تميزهن العلمي والخلقي فرض الوضع الجديد على الجميع.
وعند عودة نظيرة من البعثة عملت كمدرسة لمادة الثقافة النسوية (التدبير المنزلي) في مدرسة السنية للبنات، وكانت تحث تلميذاتها على حب المطبخ وتزيين المائدة بابسط الاشياء فكانت تعتبر الطهى فن مثل باقى الفنون، وتدرجت إلى أن أصبحت المفتشة العامة بوزارة التربية والتعليم.
وقد اختارت نظيرة نيقولا بعد عودتها من البعثة التفرغ لمجال الطهي والعمل بالتدريس لمادة الثقافة النسوية التي تحول اسمها الآن إلى مادة التدبير المنزلي وكان ذلك في مدرسة السنية للبنات، وكانت تحث تلميذاتها على حب المطبخ وتزيين المائدة بابسط الاشياء فكانت تعتبر الطهى فن مثل باقى الفنون، ومن هنا تفرغت أبلة نظيرة للطهي، ولم يكن الامر لم يكن قاصرا على مجرد تدريس مادة في المنهج ولكنها كانت تحاول أن تجعلهم يحبون ذلك بل ويتفنون في تقديم الجديد، وفي المنزل كانت شديدة الاهتمام بأناقة الطعام مهما كان بسيطا حيث تحرص على الاعتناء بالسفرة وتزينها بالخضروات والفاكهة دائما.
وبعودتها من لندن في ثلاثينيات القرن الماضي جمعتها علاقة بالسيدة بهية عثمان، والتي تخرجت في كلية «بردج هوس» بالعاصمة البريطانية، وشغلت وظيفة المفتشة العامة بوزارة المعارف أيضًا.
ومع ذيوع صيت «نظيرة» داخل الوسط التعليمي أعلنت وزارة المعارف، في الأربعينيات، عن مسابقة لتأليف كتاب في الطهي لاعتماده كمنهج دراسي للفتيات، لتقدم على تلك الخطوة بمشاركة زميلتها «بهية»، وتؤلفان «أصول الطهي» في أكثر من 800 صفحة.
لم يهتم الكتاب الفائز بالطهى بحسب، بل بالمطبخ والأكلات بشكل عام، بل ونقُل أن الكتاب اهتم بأرشفة كل الأكلات الممكنة في تاريخ مصر بطريقة بسيطة، ثم اهتم بكل ما هو وراء الطعام، ليعدد بعض النصائح المذكورة مثل، المطبخ الكبير زيادة عن اللزوم تعمه الفوضى سريعًا، لابد أن يكون مطبخ البيت في جهة بحرية حتي يكون متجدد الهواء، وكيف ينبغى أن يكون في كل طعام مطبوخ لابد أن تظهر نكهة المادة الأساسية، مهما كانت إمكانياتك لابد أن تكون ألوان الطعام على المائدة متباينة، متعة العين جزء من متعة الطعام، أهم شرط من شروط نجاح الصلصة أن يكون لونها مطابق تماما للون المادة الأساسية فيها،
وكيف أن مهارة ربة البيت لا تتجلي فقط في الطهي ولكن تتجلي أكثر في مهارات إعادة طهي ما تبقي من بواقي طهي سابق، أدوات المرأة الأساسية إناء ونار، تخلي عن التعقيد في أدوات الطبخ وإن كان ثمة شيء أهم من الإناء والنار في المطبخ فهو ساعة الحائط".
انتشر الكتاب بشدة، وأصبح تجاريا أكثر منه كتابا تعليميا للفتيات في المدارس، فتوقفت وزارة المعارف عن تدريسه للطالبات، ووصل عدد طبعاته إلى 12 نسخة، تعدلها أبلة نظيرة باستمرار، وتدخل عليه كل جديد، حتى أصبح الكتاب مكون من عدة أجزاء تصل إلي 18 جزء ليصبح موسوعة شاملة لكافة اشكال الطهي.
ومن التدريس وتاليف الكتب انتقلت ابلة نظيرة إلى الإذاعة لينتظرها الكثير من ربات البيوت للاستماع إلى وصفتها الشهية بجانب مشاركتها في مجلة حواء التي استمرت فيها لتقديم وصفات اشهى المأكولات حتى بعد توقف برنامجها.
توفيت نظيرة نيقولا في عام 1992 عن عمر يناهز ال90 عاماً، ولكن سيظل كتابها الشيق أصول الطهى، شاهدا على تاريخ وأسرار الطهى المصرى ..
يمكنك مشاهدة كتابها بالضغط على أصول الطهى