عالم المكتبات | كتاب جديد |
قلم: نادر حبيب
أتذكر في الماضى ذلك البرنامج الذى كان يقدم عرض وثائقى عن جامعى المحار في الخليج العربى، وكيفية إستخراج اللؤلؤ من بين صفحتى المحار ليزين صدور النساء فى عقود رائعة الجمال أو حلى تأسر الآلباب، وبالرغم من أن صائد المحار يستعمل العنف ويأخذ أجمل وأروع ما بها، تظل اللؤلؤة رقيقة، ذات ملمس ناعم، براق .. تذكرت كل هذا عندما تصفحت ديوان الشعر المعنون بـ "دموع المحار" للزميلة الصحفية ميرفت عياد، وبحثت عن تلك القصيدة الشعرية التى يزين عنوانها غلاف الكتاب حتى وصلت إليها، وبدأت بالقراءة وتذوق ما هو مكتوب بعقل محب للشعر حتى وصلت إلى ذلك البيت الذى كتبت فيه "تبرق دموع المحار .. لؤلؤ يزين صدر الشجن" .. يا لها من صورة جمالية رائعة بحق، فكيف أتت لها أن تصور المحار بدموع، فتتحول هذه الدموع إلى لؤلؤ ليزين صدر النساء الملئ بالشجن والألم ...
فمثلاً فى قصيدة أعتذار، فهى تعتذر من إبنها، وأنا أعتقد أنها تعتذر لجيل بأكمله ولد في وقت صعب، تعلو فيه صيحات الحرب والخيانة، والغدر، في زمن ينتابه الأنانية وكره الحياة بكل نواحيها، فهناك من يكره الغناء ويكره الحب بل ويحب الكره، ويعشق الموت، فتموت الحرية كما تموت الزهور .. كل هذا وأكثر، ولكنها في النهاية تضع أمامه وأمام الأجيال التالية سؤال ولكنه في نفس الوقت تمنى، هل سينتصر الخير، هل سينتصر الحب والجمال، أم سيظل الحال كما هو الحال ...
وفى قصيدة "غمر الكلمات" تندمج الكلمات مع الحروف لتعطى لنا معانى أكثر مما تحمله نفس الكلمات ففي بداية القصيدة تقول الشاعرة، الكلمات تنير الظلمة ويقتات عليها القلب، وتحول القلم والورق لشخصين متعانقين وسبيلهما في ذلك الكلمات .. يا لها من روعة في الإحساس بالكلمات، لقد حولت الحروف والكلمات والحبر والورق أناس متحابة يبحثون عن بعضهم البعض، بين صمت الكلمات الوحيدة، حتى تجد الكلمات الصامتة بعضها البعض ويتحول ذلك الصمت إلى أبيات شعرية كأغانى تهدهد الروح ..
وبروح إيجابية تدعو القارئ أن يفرح طالما لايزال قلبه ينبض بالحب والخير، رغم ذلك الزمن الصعب، ويستمر العطاء رغم إنكسارات الزمن فالقلوب الذهبية لا يعلوها الصدأ ..
في الحقيقة لقد أستمتعت جداً بقراءة دموع المحار فهى تسجل كل اللحظات المؤلمة والسعيدة التى يمكن أن تمر على أى انسان بكلمات مرهفة الحس، وفى خلفيتها موسيقى تصدر من بين تلك الأبيات الشعرية، فمرة قد تسمع صوت البحر وأخرى أنين الألم، وثالثة موسيقى تدعوك للرقص والشعور بالبهجة وكأنك فراشة تحلق في حدائق الربيع المليئة بالزهور والرياحين .
في آخر الكتاب أنتهت الشاعرة بقصيدة عنوانها رسالتى الأخيرة، في الواقع لم أحبها أن تكون الأخيرة، فأنا لا أريد الزميلة ميرفت عياد أن تكون هذه آخر قصائدها، فكلماتها مختلفة رشيقة رقيقة، ولها صوت رنان، فلا يجب أن تكون هذه رسالتها الأخيرة، فهذا أول كتاب وننتظر منها الجديد.
يتبقى لى هنا أختياراتها للرسومات المصاحبة للنصوص الشعرية، فهى كانت في حاجة لإعطائها كل الأهتمام ليتماشى مع محتوى الكتاب، فهناك بعض الرسومات التى وضعتها كفواصل، لا تتسق مع رقى وجمال الكلمات، مما قد يفصل القارئ عن كلماتها الصادرة من القلب، أعتقد أنها لو أعادت طباعة ديوان الشعر مرة أخرى عليها أن تعيد إخراج الكتاب بالشكل الذى يتناسب مع كلماته.
ديوان شعر "دموع المحار" صادر عن دار زين للنشر في ٩٥ صفحة.