عالم المكتبات | قصاقيص |
في أوائل القرن التاسع عشر أرسلت إنجلترا أسطولها إلى المياه السورية لمساعدة الدولة العثمانية في إيقاف الزحف الذي قامت به جيوش إبراهيم باشا، وقد ألقي الأسطول مراسيه بميناء بيروت، وذلك لكى يخير الأمير بشير الشهابى حليف إبراهيم باشا بين إستسلامه لأميرال الأسطول أو نفيه إلى الآستنانة، وكان على ظهر البارجة التى تقل الأميرال بعثة إنجليزية سياسية، أحد أعضائها الكولونيل تشرشل (تشارلز هنري تشرشل ١٨٠٧ - ١٨٦٩) من عائلة تشرشل المشهورة وفي إحدى الحفلات التى أقيمت لتكريم هذه اللجنة تَعرفْ الكولونيل بسيدة من العائلة الشهابية، فهام بها وقرر أن يتزوجها، ولما عارضته عائلته أسُتعفىَ من الجيش البريطانى غير عابئ بتهديد العائلة.
لقد كان تشرشل هذا كاتباً مشغولاً بالتاريخ، حتى أنه ألف كتاباً أهداه إلى صديقه الدوق ولنجتون المشهور، عُنى فيه خاصة بعقائد الطائفة الدرزية.
ولأنه كان مفتون ومسحور بالشرق، أشترى قرية صغيرة من قرى لبنان تقع بين بلدتى عالية وبحمدون المعروفتين للمصطافين، وبنى فيها قصراً، وساعده على زراعتها كثرة الينابيع، ولاتزال على جسر بناه فوق أحد الأفنية لوحة رخامية منقوش عليها ما يأتى:
لقد أنشاه شرشل بك جسراً تمر الناس فيه بالآمان
شرى هذا المكان وكان أرضاً معطلة فصار من الجنان
شريف قد تسلسل من شريف وزير الأنجليز عظيم الشأن
نسيب مؤيد جنرال حرب بمارلبروك يدعى في الزمان
والقرية أسمها "بحواره" يملكها الآن المليونير اللبنانى جورج شقير، ويزرع بها أجود أنواع التفاح والكمثرى والخوخ، وإلى بضع سنوات مضت كانت مبانى قصر تشرشل بها لا تزال قائمة.
ونتيجة لما قام به تشرشل بك اللبنانى قاطعته أسرته مقاطعة تامة، ولكن عمته عادت فأعترفت بأبنه الذى كان يحمل أسمل وينستون تشرشل، وهو اللقب الذى يتخذه أفراد الأسرة، وكان الأعتراف بالأبن بعد وفاة الأب.
والطريف أن اللبنانيين يذكرونه بأسم شرشر بك بعد أن عربوا أسمه وكثير من أخباره وأطواره، الجدير بالذكر أن تشرشل بك كان قنصلًا بريطانيًا في سوريا العثمانية، وهو واحد من الذين اقترحوا إحدى أولى الخطط السياسية للصهيونية وإنشاء دولة إسرائيلية في منطقة فلسطين العثمانية.